فصل: فصلٌ: (مَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلِهَا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:

قَالَ: (وَإِذَا وَهَبَ هِبَةً لِأَجْنَبِيٍّ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا رُجُوعَ فِيهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يَهَبُ لِوَلَدِهِ»، وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ يُضَادُّ التَّمْلِيكَ وَالْعَقْدُ لَا يَقْتَضِي مَا يُضَادُّهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ عَلَى أَصْلِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ التَّمْلِيكَ لِكَوْنِهِ جُزْءًا لَهُ.
وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» أَيْ مَا لَمْ يُعَوَّضْ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ هُوَ التَّعْوِيضُ لِلْعَادَةِ، فَتَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ عِنْدَ فَوَاتِهِ إذْ الْعَقْدُ يَقْبَلُهُ، وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ نَفْيُ اسْتِبْدَادِ الرُّجُوعِ وَإِثْبَاتُهُ لِلْوَالِدِ، لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ لِلْحَاجَةِ وَذَلِكَ يُسَمَّى رُجُوعًا، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلَازِمَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَالْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»، وَهَذَا لِاسْتِقْبَاحِهِ.
الشرح:
بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ، إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يَهَبُ لِوَلَدِهِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي عَدَالَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، إنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي سَمَاعِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ إلَّا الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ» زَادَ النَّسَائِيُّ: «وَالْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيه عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ عَامِرٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَلَعَلَّ الْإِسْنَادَيْنِ مَحْفُوظَانِ، وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَجَّاجُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَائِدِ فِي هِبَتِهِ دُونَ ذِكْرِ الْوَالِدِ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ، وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا، وَتَابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْخُصُومُ عَلَى مَنْعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» انْتَهَى.
زَادَ أَبُو دَاوُد: قَالَ قَتَادَةُ: لَا نَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا، انْتَهَى.
وَهُوَ أَقْوَى فِي الْحُجَّةِ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَارِيَةَ ضَعَّفُوهُ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَهُ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: وَجَدْت فِي كِتَابِ أَبِي عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَهَبَ هِبَةً، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا، فَإِنْ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ، فَهُوَ كَاَلَّذِي يَقِيءُ ثُمَّ يَأْكُلُ قَيْئِهِ» انْتَهَى.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَارْتَجَعَ فِيهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ كَالْمُتَعَقِّبِ عَلَيْهِ: وَهُوَ لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَرْزَمِيِّ إلَّا عَلَى لِسَانِ كَذَّابٍ، وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ، فَلَعَلَّ الْجِنَايَةَ مِنْهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْبُيُوعِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي عَزْرَةَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ فِيهِ عَلَى شَيْخِنَا. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ.
وَقَالَ: غَلِطَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَلْيَقُ إلَّا أَنَّ فِيهِ إبْرَاهِيمَ بْنَ إسْمَاعِيلَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَلَا يَبْعُدُ مِنْهُ الْغَلَطُ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ، فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا»، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا، وَحُجَّتُنَا فِيهِ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: وَإِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ، بَلْ هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي أَثَرٍ عَنْ عُمَرَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِذِي رَحِمٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ذِي رَحِمٍ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، إلَّا أَنْ يُثَابَ مِنْهَا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
زَادَ أَبُو دَاوُد قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا نَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا. انْتَهَى.
وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَالِبِ كُتُبِ أَصْحَابِنَا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، انْتَهَى.
ثُمَّ لِلرُّجُوعِ مَوَانِعُ ذَكَرَ بَعْضَهَا، فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (أَوْ تَزِيدَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً) لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى الرُّجُوعِ فِيهَا دُونَ الزِّيَادَةِ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَلَا مَعَ الزِّيَادَةِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْعَقْدِ.
قَالَ: (أَوْ يَمُوتُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) لِأَنَّ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى الْوَرَثَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا انْتَقَلَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَوَارِثُهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ إذْ هُوَ مَا أَوْجَبَهُ.
قَالَ: (أَوْ تَخْرُجُ الْهِبَةُ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتَسْلِيطِهِ فَلَا يَنْقُضُهُ، وَلِأَنَّهُ يَتَجَدَّدُ الْمِلْكُ بِتَجَدُّدِ سَبَبِهِ.
قَالَ: (فَإِنْ وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَأَنْبَتَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا نَخْلًا أَوْ بَنَى بَيْتًا أَوْ دُكَّانًا أَوْ آرِيًّا وَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا) لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُتَّصِلَةٌ، وَقَوْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً، فِيهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الدُّكَّانَ قَدْ يَكُونُ صَغِيرًا حَقِيرًا لَا يُعَدُّ زِيَادَةً أَصْلًا وَقَدْ تَكُونُ الْأَرْضُ عَظِيمَةً يُعَدُّ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا فَلَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِهَا.
قَالَ: (فَإِنْ بَاعَ نِصْفَهَا غَيْرَ مَقْسُومٍ رَجَعَ فِي الْبَاقِي) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ بِقَدْرِ الْمَانِعِ (وَإِنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا مِنْهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا)، لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي كُلِّهَا فَكَذَا فِي نِصْفِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.
قَالَ: (وَإِنْ وَهَبَ هِبَةً لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا»، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا صِلَةُ الرَّحِمِ وَقَدْ حَصَلَ (وَكَذَلِكَ مَا وَهَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ)، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الصِّلَةُ كَمَا فِي الْقَرَابَةِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا وَهَبَ لَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَمَا وَهَبَ فَلَا رُجُوعَ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْبُيُوع، وَالدَّارَقُطْنِيّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا»، انْتَهَى.
قَالَ الْحَاكِمُ: فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. انْتَهَى.
وَوَقَعَ لِلْحَاكِمِ مِثْلُ هَذَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: الْيَدُ مَا أَخَذَتْ، حَتَّى تُؤَدِّيَ، وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِلْمَامِ، وَقَالَ: بَلْ هُوَ عَلَى شَرْطِ التِّرْمِذِيِّ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ هَذَا ضَعِيفٌ، وَخَطَّأَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ وَقَالَ: بَلْ هُوَ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَالضَّعِيفُ هُوَ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ.
وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى هَذَا، وَهُوَ الرَّقِّيِّ ثِقَةٌ، وَرُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ مِنْ أَنْكَرْ مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، انْتَهَى.
قَالَ: (وَإِذَا قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ خُذْ هَذَا عِوَضًا عَنْ هِبَتِك أَوْ بَدَلًا عَنْهَا أَوْ فِي مُقَابَلَتِهَا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ تُؤَدِّي مَعْنًى وَاحِدًا (وَإِنْ عَوَّضَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مُتَبَرِّعًا فَقَبَضَ الْوَاهِبُ الْعِوَضَ بَطَلَ الرُّجُوعُ) لِأَنَّ الْعِوَضَ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ فَيَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ.
قَالَ: (وَإِذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْهِبَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعِوَضِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا يُقَابِلُ نِصْفَهُ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعِوَضِ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ ثُمَّ يَرْجِعُ).
وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ اعْتِبَارًا بِالْعِوَضِ الْآخَرِ.
وَلَنَا أَنَّهُ يَصْلُحُ عِوَضًا لِلْكُلِّ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَبِالِاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا عِوَضَ إلَّا هُوَ إلَّا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، لِأَنَّهُ مَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ كُلَّ الْعِوَضِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
قَالَ: (وَإِنْ وَهَبَ دَارًا فَعَوَّضَهُ مِنْ نِصْفِهَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُعَوَّضْ) لِأَنَّ الْمَانِعَ خَصَّ النِّصْفَ.
قَالَ: (وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ) لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَفِي أَصْلِهِ وَهَاءٌ وَفِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَعَدَمِهِ خَفَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بِالرِّضَا أَوْ بِالْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ نَفَذَ، وَلَوْ مَنَعَهُ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهِ.
وَكَذَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّ أَوَّلَ الْقَبْضِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَهَذَا دَوَامٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ بَعْدَ طَلَبِهِ، لِأَنَّهُ تَعَدَّى، وَإِذَا رَجَعَ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالتَّرَاضِي يَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ قَبْضُ الْوَاهِبِ، وَيَصِحُّ فِي الشَّائِعِ، لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ جَائِزًا مُوجِبًا حَتَّى الْفَسْخِ مِنْ الْأَصْلِ فَكَانَ بِالْفَسْخِ مُسْتَوْفِيًا حَقًّا ثَابِتًا لَهُ فَيَظْهَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ، لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَاكَ فِي وَصْفِ السَّلَامَةِ لَا فِي الْفَسْخِ فَافْتَرَقَا.
قَالَ: (وَإِذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ وَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ وَضَمِنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ)، لِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ السَّلَامَةَ، وَهُوَ غَيْرُ عَامِلٍ لَهُ، وَالْغُرُورُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ سَبَبٌ لِلرُّجُوعِ لَا فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ.
قَالَ: (وَإِذَا وَهَبَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْعِوَضَيْنِ وَتَبْطُلُ بِالشُّيُوعِ)، لِأَنَّهُ هِبَةٌ ابْتِدَاءً.
(فَإِنْ تَقَابَضَا صَحَّ الْعَقْدُ وَصَارَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَتُسْتَحَقُّ فِيهِ الشُّفْعَةُ)، لِأَنَّهُ بَيْعُ انْتِهَاءٍ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: هُوَ بَيْعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَهُوَ التَّمْلِيكُ بِعِوَضٍ وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي، وَلِهَذَا كَانَ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقًا.
وَلَنَا أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى جِهَتَيْنِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَقَدْ أَمْكَنَ، لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ حُكْمِهَا تَأَخُّرُ الْمِلْكِ إلَى الْقَبْضِ، وَقَدْ يَتَرَاخَى عَنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلِلْبَيْعِ مِنْ حُكْمِهِ اللُّزُومُ وَقَدْ تَنْقَلِبُ الْهِبَةُ لَازِمَةً بِالتَّعْوِيضِ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ بَيْعِ نَفْسِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْبَيْعِ فِيهِ إذْ هُوَ لَا يَصْلُحُ مَالِكًا لِنَفْسِهِ.

.فصلٌ: (مَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلِهَا):

قَالَ: (وَمَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلِهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ)، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَعْمَلُ إلَّا فِي مَحَلٍّ يَعْمَلُ فِيهِ الْعَقْدُ، وَالْهِبَةُ لَا تَعْمَلُ فِي الْحَمْلِ لِكَوْنِهِ وَصْفًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبُيُوعِ فَانْقَلَبَ شَرْطًا فَاسِدًا، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ، لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِهَا (وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَهَا جَازَ)، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْجَنِينُ عَلَى مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ الِاسْتِثْنَاءَ (وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَهَا لَمْ يَجُزْ)، لِأَنَّ الْحَمْلَ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ شَبِيهَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِيهِ لِمَكَانِ التَّدْبِيرِ فَبَقِيَ هِبَةَ الْمُشَاعِ أَوْ هِبَةَ شَيْءٍ مَشْغُولٍ بِمِلْكِ الْمَالِكِ.
قَالَ: (فَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ وَهَبَ لَهُ دَارًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدَارِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ يُعَوِّضَهُ شَيْئًا مِنْهَا فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ)، لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَكَانَتْ فَاسِدَةً وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعْمِرِ».
بِخِلَافِ الْبَيْعِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ»، وَلِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي مَعْنَى الرِّبَا، وَهُوَ يَعْمَلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ دُونَ التَّبَرُّعَاتِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَجَازَ الْعُمْرَى، وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعْمِرِ».
قُلْت: قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ»، انْتَهَى.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا تَعْمُرُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى، فَإِنَّهَا لِلَّذِي أَعْمَرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا، وَلِعَقِبِهِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «أَعْمَرَتْ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ حَائِطًا لَهَا ابْنًا لَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ، وَتَرَكَ وَلَدًا لَهُ، وَلَهُ إخْوَةٌ بَنُونَ لِلْمُعْمِرَةِ، فَقَالَ وَلَدُ الْمُعْمِرَةِ: رَجَعَ الْحَائِطُ إلَيْنَا، وَقَالَ بَنُو الْمُعْمَرِ: بَلْ كَانَ لِأَبِينَا حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ، فَاخْتَصَمُوا إلَى طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، فَدَعَا جَابِرًا، فَشَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى لِصَاحِبِهَا، فَقَضَى بِذَلِكَ طَارِقٌ، ثُمَّ كَتَبَ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ جَابِرٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: صَدَقَ جَابِرٌ، فَأَمْضَى ذَلِكَ طَارِقٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَائِطَ لِبَنِي الْمُعْمَرِ حَتَّى الْيَوْمَ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، يَرِثُهَا مَنْ يَرِثُ مِنْ عَقِبِهِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ طَارِقٍ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْطَاهَا ابْنُهَا حَدِيقَةً مِنْ نَخْلٍ، فَمَاتَتْ، فَقَالَ ابْنُهَا: إنَّمَا أَعْطَيْتهَا حَيَاتَهَا، وَلَهُ إخْوَةٌ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هِيَ لَهَا حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا، قَالَ: كُنْت تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيْهَا، قَالَ: ذَلِكَ أَبْعَدُ لَك مِنْهَا»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَطَارِقٌ الْمَكِّيُّ هُوَ قَاضِي مَكَّةَ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَهُ أَبُو زُرْعَةُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْطَى أُمَّهُ حَدِيقَةً مِنْ نَخْلٍ حَيَاتَهَا، فَمَاتَتْ، فَجَاءَ إخْوَتُهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِيهِ شَرْعٌ سَوَاءٌ، فَأَبَى، فَاخْتَصَمُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ مِيرَاثًا»، انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ» انْتَهَى.
وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا».
قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ. انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: حَدِيثٌ: نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، تَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْبُيُوعِ.
قَالَ: (وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَهِيَ لَك أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهَا أَوْ قَالَ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ النِّصْفَ فَلَكَ النِّصْفُ أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ)، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ إبْرَاءٌ، وَهَذَا، لِأَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ تَمْلِيكًا، وَوَصْفٌ مِنْ وَجْهٍ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ إسْقَاطًا، وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَالتَّعْلِيقُ بِالشُّرُوطِ يَخْتَصُّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا.
قَالَ: (وَالْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِلْمُعْمَرِ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ لَهُ مُدَّةَ عُمْرِهِ، وَإِذَا مَاتَ تُرَدُّ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ التَّمْلِيكُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِمَا رَوَيْنَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ (وَالرُّقْبَى بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَائِزَةٌ)، لِأَنَّ قَوْلَهُ دَارِي لَك تَمْلِيكٌ، وَقَوْلُهُ رُقْبَى شَرْطٌ فَاسِدٌ كَالْعُمْرَى.
وَلَهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَجَازَ الْعُمْرَى وَرَدَّ الرُّقْبَى»، وَلِأَنَّ مَعْنَى الرُّقْبَى عِنْدَهُمَا إنْ مِتُّ قَبْلَك فَهُوَ لَك، وَاللَّفْظُ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ كَأَنَّهُ يُرَاقِبُ مَوْتَهُ، وَهَذَا تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ فَبَطَلَ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ تَكُونُ عَارِيَّةً عِنْدَهُمَا، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَجَازَ الْعُمْرَى، وَرَدَّ الرُّقْبَى».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي جَوَازِ الرُّقْبَى، قِيَاسًا عَلَى الْعُمْرَى، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِأَحَادِيثَ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «لَا عُمْرَى وَلَا رُقْبَى، فَمَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا، أَوْ أَرْقَبَهُ، فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ»، انْتَهَى.
وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا مِنْ رِوَايَةِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ حَدِيثُ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ»، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ، بَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيه عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِي الرُّقْبَى دُونَ الْعُمْرَى، وَرَوَاهُ مِسْعَرٌ عَنْ حَبِيبٍ بِهِ فِي الْعُمْرَى دُونَ الرُّقْبَى، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَكَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ حَبِيبٍ بِهِ مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. انْتَهَى.
وَبِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَرْقُبُوا، أَوْ لَا تَعْمُرُوا، فَمَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى، أَوْ أَرْقَبَ رُقْبَى، فَهِيَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا، وَأَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَفِي سَنَدِهِ وَمَتْنِهِ اخْتِلَافٌ، وَبِحَدِيثٍ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِه، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ حُجْرٌ الْمَدَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تَرْقُبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُهُ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ، بِلَفْظٍ: الْعُمْرَى لِلْوَارِثِ، وَبِلَفْظٍ: الْعُمْرَى جَائِزَةٌ.
وَبِحَدِيثٍ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى، فَهِيَ لِمَنْ أَعْمَرَهَا جَائِزَةٌ، وَمَنْ أَرْقَبَ رُقْبَى، فَهِيَ لِمَنْ أَرْقَبَهَا جَائِزَةٌ»، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ.